بين وبين :
بين الحق والباطل :الحق مبدأ،.. وبين الخيروالشر : الخيرشعار..لكن بين النظام واللانظام تبقى كل الأمور نسبية، فإن كان النظام كله حق وخير للمسلمين فالخروج عليه خروج عن الملة ،وإن كان النظام كله شر وبواطل فمؤازرته شيطنة « والساكت عن الحق شيطان أخرس » لكن أنظمتنا في البلدان الإسلامية ليست مطلقة في حقها ولافي باطلها..ولهذا وجب مؤازرة الحكام في حقهم ومعونتهم للتخلص من هفواتهم وهذا دور العلماء أولا لكن بمساندة كل مسلم.. فالنصح واجب والأمر بالمعروف والنهي على المنكر فرضان على كل مسلم مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم : »من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » وقد عقب العديد من الفقهاء بأن :
ـ التغيير باليد لأهل السلط
ـ والتغيير باللسان للعلماء وصالح المومنين
ـ والتغيير بالقلب لمن ليس بمقدوره غير ذلك
كما أن هناك العديد من الآيات الحاثة لكل مسلم على الجهر بالحق دون مخافة أي لائم، وقد سطر التاريخ الإسلامي مواقف جليلة للعديد من علمائنا الأجلاء الذين جهرو بظلم الظلمة أمام الظلمة صابرين على كل معاناتهم..وهذا باب كبير من أبواب الإصلاح..
ولهذا فإن المبدأ في النظام الإسلامي هو التقويم بالنصائح أولا لحد الشد على أيادي الظلمة أخيرا..وهكذا وجب على أي تيار إصلاحي التمسك بآداب التغيير وتقديم المواعظ والنصائح لتقليص الشرور ومحاربة البواطل التي لها العديد من الشروط كـ :
ــ التأكد من زيغ الحاكم
ــ التأكد من صحة الإجتهاد
ــ تقديم النصيحة بكل لين فهذا الرب سبحانه وتعالى يقول لموسى وهارون وهما النبيان المرسلان للطاغوت فرعون : » فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى »
ــ الجدل بالتي هي أحسن لقوله تعالى : »وجادلهم بالتي هي أحسن ».
ــ مخاطبة كل بلغته لقوله صلى الله عليه وسلم : »خاطبوا الناس على قدر عقولهم »
ولهذا فإن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة آداب رفيعة في الإسلام .ولهذا وجب على العاملين في الحقل السياسي الإلتزام بـ :
ـ فهم أسلوب الساسة في الحكم
ـ دراسة العلوم السياسية حتى تكون لهم رؤيا شاملة عن نظام الحكم
ـ تقديم نقد علمي للثغرات التي يراها في النظام مع التأكد من صحة نقده فقهيا
ـ دراسة الواقع فلكل فتوى ظروفها
ـ تقديم النصيحة لا الأمر بها، وتغيير المنكر لا إنكاره فقط ..والأمر بالمعروف :وهنا لزم الأمر لأن المعروف هو ما يعرف كل الناس أحقيته وبطلان ما سواه..
ـ فتح هوامش عديدة ونوافد كثيرة للوصول إلى توافقات إن أمكن نحو التغيير التام للمناكر والبواطل بكل تدرج مما يلزم بعدم التسرع .
ـ حكمة الفعل ومنطقية الفكر
ـ الوعي بأسلوب تفكير الحكام وبثقافاتهم
ـ عدم إقحام العامة ضد الحكام إلا بفقه سليم وضرورة ملحة وممنطقة فقهيا
ـ عدم استغلال الناصح حركته للنداء بنيل السلطة كما الأحزاب العلمانية كلها
ـ رحمة الشباب بعدم إقحامهم في صراعات تفوق مستواهم وتزعزع استقرارهم الفكري والنفسي وتألبهم كليا ضد الحكام لاتخادهم وسيلة ضغط سياسي
ـ الإلتزام بقوالب النظام وقوانينه نحو البديل الإسلامي بكل حكمة
وإلا فإن هاته الحسنة ربما صارت من أكبر سيئاتنا.
ولهذا فإن الحكمة لا توصي بالإعتماد على العمل السياسي إلا نسبيا ..وبحكمة الإعتراف بكل حسنات النظام قبل التعليق عن هفواته .. ولهذا كانت دائرتنا بين وبين ومع وضد ..وحتى يتسنى ذلك لابد من مشروع يعتمد نقدا حقا علميا وإلا فلا إنصاف لنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق